تدوينة بمناسبة يوم التدوين عن الأردن
كتبت في ثلاثاء السابع الماضي من مارس وأنشرها اليوم.
في محاولة مني للفهم، ذهبت اليوم إلى نقاشات علامة المربع كما تدعوه حبر، وهو نقاش بدأته حبر حول بعض الوسوم التي بدأت على تويتر مؤخرا خصوصا بعد الثورتين المصرية والتونسية.
لن أتحدث كثيرا عن فحوى الحوار الذي كان من المفروض أن يكون موضوعه هو الإصلاح في الأردن وضرورة البدء فيه بأسرع وقت ممكن، حقيقة، ما يعنيني الآن هو الحديث الذي بدأ عن مفهوم الهوية الأردنية وانتهى ليناقش قكرة العنصرية بين أردني وفلسطيني في البلد.
وأقول أردني وفلسطيني لأني لم أعرف أن هناك مصطلحات أخرى لوصف هذين الشعبين إن صح التعبير، فقبل أن آتي للعمل في عمان، لم أعرف قبلا أنه يطلق على الأول شرق أردني والآخر غرب أردني!!.
كانت إحدى المتحدثات تتساءل لم تعاني من أزمة هوية بسبب كونها من غرب النهر، وحقيقة لم أستطع مقاومة فكرة واحدة قفزت إلى ذهني لأرد عليها فوقفت وتكلمت!!.
قلت لها أن المشكلة بالنسبة لكثير من الأردنيين خارج عمان هي اقتصادية في المقام الأول، جدتي وأناس كثير أعرفهم كل ما يعرفونه بالعربي يعني:
الفلسطيني جاي يقاسمنا على رزقنا!! وأقولها بثقة، لا هوية سياسية ولا بطيخ ولا ما يحزنون!! المشكلة اقتصادية في المقام الأول، لا يعني من يعمل في الفلاحة أو الجيش أو الحكومة موضوع هويتك، أنت كفلسطيني سرقت فرصتي وفرص أبنائي كذلك.
قلت أيضا بأني سأدعوهم الفلسطينية لأني لم أعرف قبلا أنهم غرب أردنيون!
وأنهيت بأن هذا الحوار يخاطب النخبة فقط، وتساءلت: كم فردا هنا يعرف أين تقع اربد أصلا ومن زار محافظة خارج عمان من الأساس؟.
تشكو المتحدثة من التمييز بسبب الاسم، حسنا يا عزيزتي سأقول لك في صراحة أنني كشرق أردنية أعاني أيضا!!.
أعاني حين لا يكون اسم عائلتي متبوعا ب "ات" أو مسبوقا "بني" الشهيرة في الأسماء الشرق أردنية دونا عن بقية العائلة، فيظن أناس كثر أني من غرب النهر، وأضطر للصمت حتى لا ندخل في مهاترات ما لا فائدة منها!
أعاني حين أتعامل مع فرد جديد، وأتمنى أن لا نضطر للدخول في سؤال "الشب من وين؟" الأزلي الذي يحكمنا في البلد والحساسيات غير المعلنة والخوف من جرح الآخر، هذه إن راعى أحد الآخرين الآخر ولم يجرحه ويجرّحه علنا.
أعاني لأني عشت في الخارج وتعلمت أن أحترم جميع الأصول والجنسيات، وأعاني لأني والدي لمح أكثر من مرة إلى فكرة أن ارتباطي بفلسطيني غير مستحبة إن لم تكن مرفوضة من الأساس!.
أتمنى أحيانا لو لم يختر أبي أن يعيش خارجا ويربينا في بلد آخر يفترض أن يعيش فيه جميع الناس مع بعضهم، ومن ثم يتضح كل شيء على حقيقته وترين الأحقاد واضحة بين أفراد الشعبين –لا تعميم طبعا ولكنه مستفز- لم لم يبق هنا ولم لم أتحول إلى فرد أردني عادي مغيّب لا يرى في الآخر إلا دخيلا ناكرا للجميل جاء ليقاسمه رزقه!!.
ولا تظني أن كوني أردنية يحميني!! لا يا عزيزتي فكما قال شخصان لي بعد أن انتهى الحوار، ليست كل العشائر الأردنية كسبانه وأنا منهم، وكما أقول لجدتي دائما: "بيكفي نحكي الفلسطينية أكلوا البلد، ما حدا مقصر".، فالكعكة تضيع من بين أيدينا جميعا؟.
ذات مرة قالت لي صديقتي النابلسية:
"بنفكر الفلسطينية أصحاب رؤوس الأموال، صدقيني الشوام همي اللي مالكينها".
وزميلتي في العمل، لم أعرف أن والدتها أردنية وهي من أب فلسطيني إلا منذ أسبوع، وشكت بشكل غير مباشر عن "حالة الانفصام بتعرفيها؟ أنا عايشتها".
أخرى في السكن، من أصل لبناني وتعيش عائلتها في البلد منذ 100 سنة، تتكلم اللهجة الربداوية أفضل مني بمراحل، وتشكو من أن لا أحد ينسى أصلها أبدا ولذا هي مصرة على الارتباط بشاب سوري تعرفه!!.
وماذا عن أيلول الأسود؟
قالت لي صديقتي مرة، أن من شبحو على باب المخيم لا تزال ذكراهم للآن ماثلة في أذهان كثيرين، ولم أقل لها يا صديقتي، يقولون أن الفدائية كانوا يدقو راس الجندي الأردني بمسمار نمرة 20!.
قصص العنصرية لا تنتهي، وكل واحد عندو "جروح مفتحه"، بالنسبة لي ودون مجاملة أرى أن كل شخص في هذه البلد هو أردني ما دام قد ساهم في تعميرها، انو خلاص بيكفي سوالف طرمه، بيكفي انو العنصرية مش عم بتموت وفي ألف واحد مستعد ينفخ فيها عشان تضل عايشه!.
إن كتب الله لي وأنجبت أطفالا، سأحاول قدر المستطاع أن يتعلموا احترام الآخر وانجازاته بدلا من البحث في تاريخ عائلته وسنسفيل جدوده إلى أبد الآبدين!!.
ويحدثونك عن الإصلاح في البلد!.
هناك 21 تعليقًا:
تحيه
لقد تم نشر التدوينه في تجمعنا مدونات من اجل التغير
من المؤسف انّنا لا زلنا نعاني من امراض العنصرية المزمنة! الله يشفينا!
للأسف، لست الوحيدة، فالمجتمع كاملة بحاجة لعلاج نفسي جماعي
كلامك صحيح 100%
انا برضه اول مرّه بسمع "بالتصنيف " الجديد
كلنا عايشين بوطن واحد اللي بدو يآذي شخص بدو يآذي الكل و الخير بس يعم بدو يصيب الكل , الغلا عالكل و الرخاء عالكل...
بكلنا انا بحكي عن الطبيعي المش اناني و المش حرامي
ان شاء الله يجي اليوم اللي نخلص من من هالافكار اللي مش بس بتخلينا واقفين مكانا لأ ومرات بترجعنا لورا
ان شاء الله بنوصل ليوم الشخص و افعاله و اخلاقه و تصرفاته هي مقياس لحكمنا عليه مش اشاياء تانيه
ان شاء الله يجي اليوم اللي ما حد يسأل حد "انت من وين"
ان شاء الله بيجي هاليوم
تدوينتك أخرجتني عن صمتي ....
منذ زمن بعيد لم ادون او اعلق بسبب مشاغلي في الحياة ولاسباب اخرى...
ولكن تدوينتك تضع يدها على جرح عميق ومفتوح في نسيج الشعب الأردني ... جرح الكل دائماً يحاول دفن راسه في الرمال عند ذكره ... أو النظر في إتجاه آخر ....
لقد كتبتِ فابدعت هذه المرة بدون أي مجالمة ...
أعتقد أن أولى خطوات الإصلاح الحقيقية للأردن هي حل المشكلة الأزلية " أردني فلسطيني " ... وبعدها كل شيء يهون ...
مياسي، أقسم بالله كلامك على الوجع! أحييك
انتي بتقولي انك قبل ما تيجي على عمان ما كنتي بتعرفي انو في شرق اردني و غرب اردني ... شو رأيك باللي عايش بعمان وبشتغل بعمان واول مرة بسمع هالسمعة !!
بعتقد انو في كثير من التشابه بين فكرتك عن الموضوع و فكرتي .. ايضا كـ اردنية من الشمال ولدت و كبرت بعمان
وما زال يزعجني لحد كبير لما حدا بسألني ( انتي اردنية ولا فلسطينية ؟ )
يمكن الاردن اللي بنتمنى نوصله هو اللي رح يكون خالي من هالسؤال !
ونتعلم و نصدق انو كلنا النا ايد بعمار هالبلد وكلنا ولاده
تحياتي الك مياسي :)
مرحبا ميسو الك زمان ما طليتي علينا :)
التدوينه رائعه
بدي اكتب عن موقف قابلته هون وهلا مع تدوينتك اتضح لي شي من فتره كنت مع صديقه امريكيه ونحكي عن العنصريه بشكل عام في امريكا صديقتي تحكي انه من وجهةنظرها اللي ما عنده جواز سفر من سن ال18 وسافر في العالم لا تعتبره مثقف ومتطور ومطلع!!
شكرا كثير الك امتعتينا :)
رائع وجريء
مقال جرئ حسيت حالي اني أنا اللي بفضفض .. و هسا عم باخذ نفس عميق . مشكلتنا العرب بشكل عام واللي مش مبين انها رح تنتهي هي الشعور بالفوقيه كل واحد على الثاني مع انه المفروض انو الناس سواسيه بس ما حد معترف وكل واحد بطلع امراضو النفسيه على الثاني.
يا الله كيف اختصرت الموضوع بأفكار واضحة وحكيت عن كل اشي..وأنا زيك ما كنتش أحس بهاي القصة غيرمن هون.
عن جد شكرا على الموضوع :)
ميساء شكراً لأنك كتبتِ "أنا والأنا الآخر في الأردن... " فقد كتبتِ بإيجاز وروعة ما تمخض عنه"حوار المربع" بمكان، كانت ملاحظتك بمكانها تماماً فالحوار أخذ منحناً آخر عن الذي من المفروض أن يكون "إصلاحاً" بالمعنى المطروح والمنظور، لكنه تحول لشكلٍ آخر للأسف، كنت قد كتبت عدة ملاحظات حول ذلك الحوار الجميل بالنهاية، ملاحظات حول بعض المصطلحات خصوصاً، ربما سأنشره لاحقاً
شكرا لهذه القراءة الجميلة
للاسف مثل هيك مصطلحات منتشرة و معروفة لدي منذ زمن ، شرق اردني ، غرب اردني ، فلسطيني ، او اردني من اصل فلسطيني ...الخ
اتصور الجيل الجديد قد يكون أوعى و افهم لهذه المشكلة ، لانه الاعراق و الاصول اختلطت مع بعضها و ما ضل حدا الا و في بعيلته خليط من الاثنين او حتى أكثر ، بس باعتقادي اللي بتحمل مسؤولية هذا التمييز هو بعض الاشخاص اللي ما زالو بلعبوا على هذا الوتر ، مثلا النائب الفلاني اللي طلع و حكى بما معناه "اللي مش عاجبوا يوخذ ملوخياتو و على الجسر" ! اعتقد مثل هيك ناس لازم يتحاكموا بتهمة اثارة نعرات اقليمية و تعكير تماسك المجتمع!
أنا المواطن العالمي ، هكذا كان يعرف نفسه عند دخوله أي مكان جديد ، منتدى أو حانة أو مقهى ، أي مكان ، ويبدأ بالحديث عن الأعراق والأجناس والشعوب والألوان والأديان والمساواة بينها، فيعجب الناس بحديثه ، ويطلبون عنوانه ، يقول: عنواني بسيط، الإسم: مواكن عالمي، المكان: الكرة الأرضية.
أرسلوه وسيصلني .
هكذا كانت محاضرته! في رواد المقهى ، ثم خرج ، سُمع من الخارج صوت شجار وتكسير، سأل أحد رواد المقهى صاحب المقهى عن صوت التكسير والصراخ ، قال ببساطة هذا صراخ المواطن العالمي ، إنه يتشاجر مع أحدهم لأنه قام بسب القرية الصغيرة التي ولد فيها"
كان ذلك ملخصا لقصة رائعة وطريفة قرأتها قديما لكاتب أمريكي اسمه(O.Henrey)
أنا أعتقد أنه لا يوجد انسان في الكون لا يستفز عندما يذكر بلده أو جماعته أو دينه أو (أو أي شيء ألفه أو يعني له شيئا) بسوء ، هنا تبرز المشكلة ، لمَ يذكر البعض الآخرين (الآخر المختلف بالسوء) ؟
الأسباب عديدة ، لكن ما ألاحظه عند المتعصبين العنصريين أنهم يحطون من قدر الآخر المختلف لشيء لا دخل له فيه ، ليس له دخل أنه ولد بلون معين ، او في منطقة معينة أو في جماعة معينة ، هذا قدر من الله ( او ربما يسميها البعض صدفة ) ليس للانسان يد فيها ، وبالمقابل أنهم يعلون من شأنهم هم أيضا لأمر ليس لهم يد فيه ، والشيء الملفت للانتباه أنهم يدعون أنهم يحبون بلدهم أو لونهم او جماعتهم أو أو ... وينكرون على الاخرين أن يحبوا ما ألفوه. إنهم ببساطة غير منطقيين ، وقد يكون الجهل بالآخر (عدم الإطلاع ، أو العيش بمكان محدد دون الإختلاط بالآخر) سبب رئيسي للتعصب لانه كما يقال " الإنسان عدو ما يجهل" لكن أن يكون الإنسان متعلما وسافر لبلاد عديدة ، ولم يغير فكره العنصري ، فتلك كارثة ، قبل فترة حاورت أحد الأطباء الذي كانت تستفزني تعليقاته الإستعلائية في إحدى الصحف ( كان لابد ان يذكر في كل تعليق له أنه حائز على البورد الأمريكي ، وبطريقة متعالية كأن لا احد درس في امريكا غيره ، وتعليقاته كانت تنضح بالعنصرية والطعن بالآخر (كل المجتمع الآخر) حاورته وخرجت بنتيجة أنه إذا العلم لم يرتقي بهؤلاء ، فلا فائدة ترجى منهم.
لكني أؤمن بأن العنصريين المتعصبين قلة ، لكنهم للأسف قلة صوتها عالٍ، القلة التي تلوث الثوب الأبيض.والإعلام وبعض المواقع الإلكترونية للأسف تتيح لهؤلاء ان يعلو صوتهم حتى ليظن المرء أن كل المجتمع هكذا ، وهم ليسوا هكذا.
يااااااه كم ثرثرت !!! فعذرا
تحياتي
ماجدة
العنصرية و القبيله متي تحل عن سمانا بس لوطننا حكاوي اخري الهمني البوست قريبا راح احكي يا شابه عن ارض النيل
شكرا علي المشاركة بالهواجس تحياتي
مدونات من أجل التغيير
شكرا لكم
قويدر
فعلا، وعلاج نفسي مكثف جدا كمان
ويسبر
بتمنى نوصل هالمرحله لأنو جد صارت شغلة بتملل!
سراج
شكرا الك
تدوينتك كانت رد أكثر من كافي عن الموضوع.
شيشاني
شكرا الك :)
همسه
طلعتي كمان من اربد؟ يمكن بعد هالمقال اكتشفت ناس كثير من اربد وعايشين بعمان صدقا!.
انا حبيت اكتب عن الموضوع من وجهة نظر الشرق أردني متل ما بيحكوا.
سوزان
العفو
صديقتك يمكن معها بعض الحق، السفر بيفتح مدارك الانسان وبيعرفوا على ناس من اماكن مختلفه، والمفروض وعم بحكي المفروض يعلمو يصير بني آدم أحسن.
علا
:)
@phmeter
طيب انتفس منيح:)
اي نعم الشعوب العربيه بتحب تعتز كثير بالاصل وخلافو
معلش يعني ما اختلفنا بس اشتغلك شوي كرمال هالأصل
ذكرتني بالفوقية تجاه الهنود بالامارات وتجاه العماله الوافده عنا بالبلد.
مع انو الهندي ولا مؤاخذه بيشتغل شغل "الحمار" ما بيشيلو!
دريمي
شكرا الك، مع انو الموضوع كان فضفضة مش أكثر
أسامة
شكرا لك، بانتظار ملاحظاتك أيضا
وحل
يمكن الموضوع صار أخف من زمان بس برضو مش لهالدرجة اللي بنتخيلها!
الموضوع بدو شغل كتير في اعتقادي للأسف!
ماجدة
أعود وأقول لك: يجب أن يكون لك مدونتك الخاصة
أعجبتني القصة والتعليق كثيرا، وكما قلت في ردي على سوزان، المفروض أن تتفتح مدارك الإنسان بالسفر ولكن هذا يعتمد على مدى استعداده أولا!.
أحب ثرثرتك، فلا تثريب عليك. :)
لا منهوره ولا مقهوره
أهلا بك في المدونه
لم أعرف أن في مصر عنصرية أيضا! ظننتها مقتصرة علينا فحسب
بانتظار تدوينتك عن الموضوع.
إرسال تعليق