الأحد، 2 أغسطس 2009

ذكريات عن حرب الخليج الثـانية

أول ما يتبادر إلى ذهني هو صبيحة ذلك اليوم الحار من أغسطس؛ كان لعمي غير المتزوج في حينها عادة مقدسة تخلص منها بعد عهد الفضائيات الجديد؛ كان مغرمـا بالاسمتاع إلى الراديو ومتابعة الأخبار باستمرار؛ هل يذكر أحد مـا برنامج "حكم العدالة"؟ أظن أن كل الأردن كانت تتابع هذا البرنامج مما يدلل على مدى شعبية الإذاعة في تلك الأيام.

المهم؛ كان لعمي راديو أسود لفه "بمغيّطه" حتى لا تتداعي أجزاؤه؛ في ذلك الزمـان-الذي يبدو لي الآن بعيدا جدا من يصدق أن 19 عاما مر على ذلك التاريخ!!- كنا معتادين على الإفطار في "البرنده"؛ نفطر ونستمع إلى الأخبار ثم نسمع أن صدام اجتاح الكويت!!! فنتوقف عن كل شيء حتى نسمع جيدا ما يقال مرتين!!!

كان ذلك صيفا انقلبت فيه موازين الحياة؛ كنا "بنصّيف على أساس" والآن صار علينا أن نرجع إلى الإمارات مرة أخرى، كنا نتباحث في قرار الرجوع فيما الناس تفر بحياتها من الكويت هربا عبر الصحراء؛ وفيما انقسم الشارع العربي إلى نصفين ما بين مؤيد للغزو ومعارض؛ والعائدون العائدون!!! كان العائدون يتوافدون بغزارة ومعظمهم من أصل فلسطيني؛ هؤلاء الذين قيل فيما بعد أنهم قد جلبوا معهم عصر الانفتاح إلى البلد ، ذلك العهد الذي انتهى معه عهد "الشـاين" ومنتجات شركة "الانتاج" إلى الأبد؛ صار شامبو "الفلورا" و"جليمو" مجرد ذكرى بعيدة. بدأ عهد "الهيد أند شولدرز" و "السينكرز".

الإشاعات عن السيارت الفارهة؛ عن الناس المتحررين –نسبيا- بعرف ذلك الزمان
(لربما لم يكن أحد ليحزر أن البلد كلها ستصير متحررة كما هو الوضع عليه الآن!!!)

ردا على موقف الأردن الذي اختار الصف العراقي؛ طرد الكثيرون من أصل أردني من أعمالهم في الخليج وعادوا؛ أما نحن فعدنا بالعكس.

الصحراء السعودية الحارقة أضافت إلى رمالها مشهدا جديدا: الأبراج التي تحوي جنودا شقرا ذوي عيون ملونة؛ مرتدين الزي العسكري وحاملين رشاشاتهم؛ تجدهم في كل مكان: في محطات البنزين وعلى جوانب الطرق.

حين عدنا إلى الخليج؛ كانت مرحلة أخرى؛ توقف التلفاز عن بث الكرتون-وكان ذلك لمن هو في عمرنا كارثة عظمى!!! في زمن كانت هناك قناتان رئيسيتان ولم يبدأ زمن الفضائيات بعد- المذيع يبث أخبارا وصورا عن دبابات و مدرعات وتحالفات وتجمعات!!! رباه!! كم كرهته وهو لا يبث ألا صور الصحراء الكئيبة وإطلاق النار.

وحين بدأت تهديدات صدام بالكيماوي؛ بدأنا في تحصين البيوت ضد الغاز؛ الأشرطة اللاصقة كانت تسد النوافذ على حوافها ومتقاطعة كذلك؛ التموين فالتموين فالتموين؛ المعلبات والطعام سريع التحضير؛ حين عدت إلى الأردن في الصيف الذي تلا ذلك الصيف؛ وجدت الكل قد حول نوافذ بيته إلى تقاطعات؛ أذكر أنها استغرقت وقتا طويلا جدا حتى زالت ولكن أثرها النفسي لم يزل.

الخوف؛ التكهنات الخوف من التفنيشات؛ التكهنات ثم الخوف ثم لا شيء!!! لا كيماوي ولم يضرب صدام إسرائيل- كما وعد في حينها وصدقه كثر- وحررت الكويت بفعل جهود قوات التحالف ورأينا "الأمريكان" في أرض الحرم!!!

منذ ذلك الزمن للآن تغيرت أشياء كثيرة؛ عاصرت الحرب الثالثة التي سقطت فيها العراق؛ وانتهى فيها عهد صدام أسوأ نهاية؛ عرفنا العولمة وجلبت معها عالما جديدا على الكل بدأ مع عهد العائدين من الكويت؛ ولكن أجمل شيء في تلك السنة كانت أني ولأول مرة في حياتي رأيت البرد!!! كنت أعيش في صحراء قاحلة لا تمطر فيها إلا قليلا وكان البرد من قبيل المعجزة، وقفنا يومها فرحين في الحوش مع جارتنا ننظر إلى البرد في فرح غامر!!! إلا أننا قبل البرد كنا نتحدث عن تخزين المعلبات ونتبادل النصائح حول استنشاق الغاز وتحصين النوافذ!!

إذا كانت لديكم ذكريات مماثلة شاركوني بهـا.

هناك 16 تعليقًا:

غير معرف يقول...

فعلاً تلك الايام اصبحت ذكريات
اذكر الايام التي كان الصواريخ تضرب تل ابيب و كانت القناة الاولى في التلفزيون الاسرئيلي تبث الفلم العربي بعد ان تقول المذيعة انهم مغادرون الى الملاجئ :)
اذكر ايضاً هبّة السيارات الامريكية الفارهة و المنتجات التي كنا نراها فقط في الاعلانات.
كان هناك ايضا بياع عرباية كان يحط صاروخ كرتوني كبير على عربياته مكتوب عليه: بالكيماوي يا صدام.
الى الآن جيراننا ما يزالوا يحتفظوا بالشريط اللاصق على زجاج المنزل من تلك الايام.

حكيت كثير كأني؟

Ahmad Hamdan يقول...

انا كتبت عن اللي بتذكرو بمدونتي , للأسف كان فترة سيئة حتي مع صغروا الواحد بس الو فيها ذكريات سيئة

sozan يقول...

تعرفي في يوم الخميس 2-8-1990 كنا مرتبين حالنا لنروح ع البحر والساعه 12 الظهر اتصل صاحب ابوي خبرنا انه العراقيين في الكويت وكان اليوم اللي بدأ فيه الخوف خاصه انه فش امان والسرقات بلشت والخراب بلش وتحولت الكويت لخرابه ضمن يومين
الحرب هاي غيرت معالم العالم وخلته بالصورة هاي كانت ايام
من الاشياء اللي بتذكرها في الحرب انه لما أجينا ع الاردن واجا الثلج واخوي سمع الرعد واجا على ابوي ركاض وتخبى في حضنه وهو يحكي العراقيين اجوا اجوا العراقيين يمكن تتخيلي مدى الخوف الي كنا عايشين فيه على الرغم انه ماأذوا الاردنيين لكن الحياة كانت صعبه وخطره الله لا يطعمها لحد ويديم الامان على بلدنا لانها نعمه من اكبر النعم

Naryat يقول...

wow...
kanat fatra ka2eebeh o mor3ebeh!!
kont z3'eereh... knt belsaff el tani... ana ma eli 7ada bel kuwait, bs konna sakneen be7ara kolha falasteeneyeh, o batzakkar mnee7 kef konna yawmeyyan nes2al el jeeran 3n 2arayebhom elli bel kuwait, elli kona ne3rafhom mnee7 la2anhom kanu yiju kol saneh o kona nel3ab ma3hom... kona 5ayfeen 3alehom :-S
yeeeh... kanat zekrayat besh3a... kona nru7 3almadraseh o ne7na 5ayfeen... o 6alabu men kol wa7ad yjeeb ma3o farsheh o ma5addeh o ba6aneyeh mshan iza n7abasna bel madraseh... BRRRR!!! Allah la yjib 7arb ya Rab...

Whisper يقول...

يا الله مياسي
زكرتيني بتفاصيل كتيره عن هديك الفتره
احنا كمان من اللي حطينا اللزيق عالشبابيك وجهزنا اللوكسات و الماسكات.

كانت تيتا الله يرحمها بالمستشفى وقتها, وكانت بدها تروح على بيتها و بابا وماما يقنعوها انها لازم تيجي عنا وما تضلها لحالها. وبتزكر ان خالتي اللي كانت مقيمه بالكويت كانت هون تزور تيتا و تاركه بناتها وزوجها هناك|, وصارت الحرب و ضلت قلقانه عليهم لحتى سمحولهم يجو, و تركو بيتهم وكل العفش هناك وما رجعو :$

يا الله كانت ايام...

غير معرف يقول...

كل ما اذكره هو متابعه اهلي لنشره الاخبار .... ومتابعه جنودنا المصريين في حفر الباطن ..... والذين حاربوا مع الحلفاء ضد صدام

أذكر انقسام العالم العربي ...... والاحاسيس المبهمه بالخوف والقلق

لا اعادها الله من ايام

همسة يقول...

رجعتيني كتير سنين لورا
هو انا ذاكرتي شوي ضعيفة فـ مش متذكرة احداث بس في بعض الامور اللي بذكرها متل كانها مقاطع من فيلم !
صح متلك متذكرة اللاصق اللي على شكل الضرب و بفترة كان هالشي عامل مشترك بين كل مباني البلد ان كان بيوت او مدارس او مؤسسات ..كل شي
متذكرة لما كانو يحطو متل فقرة بالتلفزيون يعلموا الناس تعمل كمامات !
بذكر انو كانت " فحم " وامي عملت على عدد افراد العيلة !
التموين طبعا .. الراديو اللي كان شغال 24 ساعة وعنا بعمان مرة جربو صفارات الانذار وبتذكر الناس صابها رعب لانو مش الكل عرف انها تجربة
كانت ايام مليانة خوف .. وكتير تغيرت امور بعد هديك الفترة (وبسببها )

Dreamy Villager يقول...

أذكر أنا أيضا النوافذ وأي فتحات ممكن أن يتسرب منها الهواء والتي غطيت باحكام بالنايلون والشريط اللاصق... أهلي لم يقوموا بهذه الخطوة ولا بالتموين أيضا.
أذكر أيضا أننا -الغير خليجيين الذين يعيشون في دول الخليج- لم نكن نتحدث في السياسة على الملأ ..لا ضد ولا مع أحد.
أذكر انني سمعت مليون نظرية عن غزو العراق للكويت.. ومليون تحليل.. إلا أنني وللآن لا أعرف ما الذي حصل حقا فيها.

قط البكتريا يقول...

كل هل سنين ولهلاء بنوكل عروسنا من ورا هل الي صار ...

مياسي شو جاب هل ايام عراسك هسا ؟؟؟
شو الي نكش هل تاريخ ؟

صــوت الــمــدامـــع يقول...

ياااي

جميل ان مهما كان موقف بعض الحكومات

الشعب نفس شعر لو بشي بسيط باللي شافته الكويت والكويتيين

كلامكم ذكرني باشيااء كثيره قبل

انا فعلااا كنت صغيره

بس اذكر الدبابه اللي كانت واقفه قدام بيتنا

واذكر الجندي اللي كان جنبهااا

واذكر لما جينا بنروح للسعوديه

مسكونا العراقيين وبغوا يذبحون عمي

لولا ان جدي تدخل وترجي العراقيين يفكونا بمقابل مالي


ايااام سوووووده

ايااااام اراهن لو انهاااا ماحصلت

كان التاريخ تغيير


كل الشكر مياااسي...

مدونه راااقيه جدااا

تقبلي ودي واحترامي

,^_^,

عين فى الجنة يقول...

اعتقد ان يوم 2 اغسطس 1990 وما حمل معه من شرخ عميق فى الصف العربى يماثل الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان والتى انتهت بمذبحة كربلاء
ومن الواضح الجلى ان العرب لا يتعلمون من اخطائهم على مر التاريخ

وينكى يقول...

يااااااااااااااااااااااه
فكرتيني ببوست قدييييييم قوى كنت كاتباه زمان عن الحرب دى من وجهة نظري
كده هاتخليني اقلب فى دفاترى القديمة واطلعه تانى :))
كان رد فعلك انتى ايه وقتها

غير معرف يقول...

hey mayyasi , would you please check your inbox? thank you :D

سراج الماضي يقول...

مياسي المبدعة ..
ذكرتيني بأهم شيء أيام حرب الخليج الثانية وهو الأحاديث الكثيرة المكذوبة التي تقارن بين صدام وصلاح الدين الإيوبي .. وقتها جعلوه مثل المهدي المنتظر ...
أتذكر وقتها من المفارقات اننا اشترينا فرن على الغاز من أجل "القطّعة" ولكن الحمدلله ان الوالدة الغالية لم تتركه ليصدىء بل أستخدمته في صنع المعجنات الذيذة والفطائر وصواني الكفتة وغيرها وطبعا لم يستخدم قط لصنع الخبر ...
غير الكمامات واللصق على الشبابيك وحالة الترقب الدائم ..
لا تزال ذكرى يوم الإجتياح ماثلة في خيالي كأنها الأمس .. استيقظت صباحا لأشتري الفطور من حمص وفول ومسبحة وفلافل من جارنا أبو أحمد ... وأتذكر يومها صاحب بقالة صغيرةأسمه أبو مبروك أمامنا تماما .. يناديني ويقول لي قل لأبوك صدام دخل الكويت .. شو لسة نايم زي أهل الكهف .. وان شاء الله اليوم المسا رح يدخل الرياض .. ويطهر الخليج من كل الخونة ... آآآه

أيام بحلوها ومرها ذهبت .. وبقي الشرخ العربي الكبير في صدور الجميع ..

غير معرف يقول...

أهلاً مياسي..

كنت كتير زعنونه أنا وئتا،، كنت مرعوبه من الخوف، كنت أنا وماما وإخواتي بس بعمان.. بابا كان بالسعوديه وئتا..
بتذكر إني كنت أتخيل إنو الجندي كبير و بيخوف و رح يفوت عل بيت!!!!

هل ذكرى لئيمه أكتر من غير ذكرى !! لأنا صارت بين بلدين حد بعضون. بلدين عربيين! لغتون وحده!!
لي نحنا هيك؟ لي مو إسرائيل وأمريكا يصر بينون حرب مثلاً!!

مهما صار الحكومات ما بتئدر تغير شعورنا وحزنا .. بنهايه بيضل شعب سوائن فلسطيني أو عراقي أو كويتي أو لبناني أو..أو..

الله يجيرنا من الجاي! ويحمي كل بلاد المسلمين، وبلاد العالم كلا يا رب!!


ya rab :(

لبنــــــــــى يقول...

شكلي اجيت متاخرة
لا انا تجربتي كانت غير احنا كنا بنصيف بالاردن و صحينا على تليفونات العالم بتخبرنا انو صدام صبح بالكويت كان خبر غريب كتير بالاضافة لحالة وفاة عنا بالعيلة و كتير من رجال العيلة بالكويت و قصة انقلبت الدنيا فجاة يا مياسي
بس بعد الخبرية باسبوع قررنا نرجع كلنا مع بعض لانو ماما ما قبلت تترك بابا يرجع لحالو يطمن على اخوانو و خواتو اللي كانو بالكويت و رجعنا بالفعل
الاحتلال و الحرب و الضربة الجوية و البرية و انقطاع الكهربا و كل شي عم اتذكروا منيح
بس كان اصعب شي لما البوارج تضرب الشط كانت الارض تهتز فينا و بعدها هدير الددبابات
و فجاة انقلبت الموازين و صار في تحالفات و ضد و مع لما كبرنا فهمناها
رجعتيني كتير لورا بس على فكرة هاي الحرب قلبت كتير مفاهيم و موازين و غيرت كتير بالخارطة و احنا زي ما احنا بنتفرج

؟
شكلي طولت صح