الاثنين، 6 أبريل 2009

القـارئ – The Reader -جـ 1

بما أني فشلت في أن أتوقف عن الثرثرة؛ التدوينـة على جزئين

كيت وينسلت؛ لا تكف عن إدهاشي أبدا بأدائها المبهر!!!

لايمكن لك أن تشاهد فيلم القارئ؛ ثم تعود بعد الفيلم كما كنت؛ هذا الفيلم أدخلني في حالة من التوهان النفسي لمدة يومين؛ تأثرت إلى درجة أني كنت حائرة كيف سأكتب عنه!!

الفيلم يدخل بك إلى حالة من فوضى المشاعر التي تنساب بك رويدا رويدا؛ ينتقل بك من القسوة إلى الحيرة؛ الى الحزن الدفين الذي يلفك مع حزن البطل مايكـل-رالف فاينس؛ إلى شعور بالتحرر يتملكك مع حدث النهاية

يلامس ضميرك الأخلاقي حتى وهو يتحدث عن الهولوكوست اليهودي-والذي أعترف بأنه قد لعب دورا في تأجيل مشاهدتي للفيلم؛ وذلك لأني افترضت فيه تعاطفا مع اليهود- ولكن توظيفه في الفيلم إلى حد ما لم يكن شبيها بما توقعته.

في سن الـ15 يلتقي مايكل بهانا؛ في سن الـ15 حين تختلط الرغبات بالاحلام؛ يلتقي مايكل بيرج المراهق- ديفيد كروس- بهانا شميتز-كيت وينسلت؛ كان لقاء حكمته المصادفة البحتة؛ ولكنه غير في حياة الصبي إلى الأبد؛ حتى عندما نضج وصار أبا.

يبدأ الفيلم بمايكل بيرج الكهل-رالف فاينس عام 1995 وهو ينظر من شباك منزله ليرى عربة تنقل الركاب؛ يعود مايكل إلى أيام مراهقته البعيدة؛ حين كان في الـ15 وكان الوقت شتاء؛ يشعر الصبي بتوعك في إحدى الحافلات يتحول إلى قيء على مدخل عمارة لا يعرفها؛ يجلس ليرتاح في المدخل المظلم؛ فتمر هي؛ تنظف ما أحدثه الصبي؛ ثم تنظف له ثيابه؛ يبكي خجلا وعجزا فتضمه إليها لتخفف عنه

بعد أن شخصت إصابته بالحمى القرمزية؛ يلازم مايكل الفراش لأشهر؛ ثم يخبر أمه عن السيدة التي ساعدته حين مرض أول مرة؛ فتحثه أمه أن يزورها ليشكرها

محملا بباقة من الورود؛ يزورها؛ لا تبدو هانا مكترثة له؛ تنشغل بكيّ ملابسها الداخلية فيما الصبي يتلصص على عالم هذه المرأة وعلى بيتها الصغير؛ تطلب منه أن ينتظرها لتخرج معه إلى عملها؛ تفاجأ به يتلصص عليها فيهرول خارجا

يعود مايكل مرة أخرى؛ فتغويه المرأة وهنا تبدأ علاقته معها؛ هي علاقة جسدية في المقام الأول؛ هانا بشخصيتها القاسية المتحكمة- والمراهق الذي يجد عند هذه المرأة شيئا لذيذا يكتشفه لأول مرة؛ هانا هي الآمرة؛ هي التي توجهه أثناء لقائه بها؛ وهي التي تقرر اللقاء من عدمه؛ هي لا تكترث باسم الصبي حتى؛ لا تفتأ تناديه بالصبي-the kid- ثم تشترط عليه أن يقرأ لها قبل كل لقاء حميمي بينهما

يقرأ لها مايكل كل شيء؛ فنرى وجها جديدا لهذه المرأة القاسية؛ يقرأ لها الأوديسة؛ ثم يقرأ لها السيدة الصغيرة مع كلبها لتشكيوف؛ تتأثر هانا حد البكاء أحيانا؛ وتشارك أحيانا برأيها فتقول له أن قصة مثل عشيق الليدي تشارلتي هي قصة "مقززة" في تفاصيلها ولكنها تستمر في الاستماع إليها بالرغم من ذلك؛ يقرأ مايكل ويقرأ؛ وتستمر علاقته السرية التي لا يخبر عنها أحدا ويتغيب عن صفوفه الدراسية لأجلها؛ تصير هذه المرأة الغريبة عالمه كله؛ لا نرى هانا تقرأ حرفا واحدا؛ بل تكتفي بالاستماع إلى مايكل فقط

يأخذ مايكل هانا في رحلة بواسطة الدراجات الهوائية إلى الريف؛ يطلب منها أن تقرأ قائمة الطعام فتسأله أن يختار لهما؛ تستفسر منه صاحبة المطعم الصغير عن رأي والدته في الطعام فيجيبها بأنه قد أعجبها؛ ثم يبادر هانا بقبلة مفاجئة حتى تدرك المرأة ماهية العلاقة بينهما

يخرج مايكل عن السيطرة يوما حين يفاجأ هانا في مكان عملها- حيث تعمل قاطعة تذاكر في حافلة عمومية- فتصب جام غضبها عليه؛ يصارحها بحبه فتعترف له بصمت أنها تبادله شعوره

مايكل: لم أقصد اغضابك

هانا:ليست لديك القدره على إغضابي

لست مهما بالقدر الذي يغضبني

حين يقرر رؤساء هانا ترقيتها إلى وظيفة مكتبية تتوتر دون أن نفهم لذلك سببا واضحا؛ يكون هذ اليوم الذي يوافق عيد ميلاد مايكل؛ يترك حفلة أعدها له رفاقه في المدرسة ليكون برفقتها؛ يقول لها في غضب أنها هي المتحكمة وهي صاحبة الأمر؛ أنها لا تحفل به ولا تهتم لـه؛ لا تكترث بأن تسأله حتى عن أحواله؛ إن اليوم هو عيد ميلاده وهي لا تعبأ حتى؛ تقيم معه علاقة لآخر مرة؛ ثم تقول له في حزن ورفق أن يذهب إلى رفاقه؛ يعود مايكل في نفس اليوم إلى منزلها ليجدها قد حزمت أغراضها واختفت دون أي كلمة وداع؛ يعود مايكل إلى عائلته-التي نستشعر من الفيلم أن علاقته بها لا تتعدى علاقة الرعاية التي يوفرها الأبوان دون أي مشاعر زائدة- ليقول والده: ها قد عدت أخيرا؛ كنت متأكدا من أنك ستعود!!

عودة مايكل إلى ماضيه يتخللها مشاهد له وهو يمارس حياته في الحاضر؛ مشاهد لقائه مع ابنته حين تصارحه أنه لطالما حمّلت نفسها عبء كونه –بعيدا جدا عنها- يقول لها أن الذنب ليس ذنبها؛ فهذه هي طبيعته؛ انغماس مايكل في استرجاع ماضيه يفاجئك حين تعود بنا الكاميرا إلى الحاضر وكأنك تسأل نفسك؟ ماذا بعد ذلك؟

"ومن ثم؛ تتقاطع الطرق"

تمر سنوات و يدرس مايكل الحقوق في الجامعة؛ وكجزء من حلقة دراسية خاصة؛ يكون عليه مع أستاذه وزملائه أن يحضر محاكمة لمجموعة من الحارسات النازيات تسببن فيما مضى بوفاة 300 سجينة يهودية حرقا في إحدى الكنائس زمن الحرب؛ مايكل الشاب الذي ما زال الحزن الصامت يغلّفه حزنا على رحيل هانا المفاجئ؛ يجلس دون اكتراث ليستمع إلى القاضي وهو يستجوب المتهمات؛ وهنا يعلو صوت يعرفه جيدا؛ إنه صوتها!!! هذه هي؛ لشد ما كبرت وتغيرت!! صارت الآن في الـ43؛ وهي متهمة بالضلوع في هذه الجريمة!!

هنا تبدأ أجمل مشاهد الفيلم في رأيي؛ هنا يتجلى إبداع كيت وينسلت الرائع؛ صوتها وهي ترد على الاستجوابات؛ قدرتها على إقناعك بمنطقها القاسي البسيط دون تصميم؛ حيرتها في الرد وقناعاتها بأنه كان عليها أن تؤدي واجبها دون أي اعتبارات إنسانية؛ هذا فقط ما كان عليها فعله

ما يحكم المحاكمة هو الشعور بالذنب؛ القاضي يشعر بالذنب الأخلاقي الذي صنعه النازيون تجاه اليهود في معسكراتهم؛فيحاول أن يكون صارما قدر المستطاع؛ محامي كيت يبدو طول الوقت يداري اضطرابه؛ الحضور الذي يستمع الى وقائع مخجلة من تاريخ أمته؛ الوحيدات اللواتي لا يعنيهن الأمر هن الحارسات الأخريات؛ فنجد إحداهن مثلا تقضي وقتها في حياكة االتريكو دون أي اهتمام!!

-هل كنت شريكة في ذلك؟

-هل ساعدت في الاختيار؟

- نعم

-كيف كان يتم؟

-ست حارسات كن يخترن 10 أفراد كل شهر

-هل كنت تدركين أنك كنت ترسلين النساء الي حتفهن؟

-كانت هناك قادمات جدد وعلى القدامى أن يفسحن مكانا للجديدات

-لكي يكون هناك غرف للجديدات ترسلين القدامى الى الموت؟

-ماذا كنت لتفعل أنت لو كنت في مكاني؟

الحوار بين هانا؛ التي هي مقتنعه بفعلها؛ كل ما كان يعنيها هو أن تؤدي عملها بغض النظر عن العواقب الاخلاقية؛ يخاطبها القاضي اخلاقيا؛ ولا يبدو أن هانا تستجيب؛ تجيب بكل بساطة تبدو عفوية؛ هذا ما كان عليها فعلـه وهي مؤمنة بذلك



















هناك 7 تعليقات:

Whisper يقول...

سمعت عن الفيلم كتير و قرأت باكتر من مدونه عنه انه حلو.
بس بما انك انت حكيتي عنه حلو بكره بدي اجيبه خلص :)

Unknown يقول...

همسه

جيبيه على ضمانتي:) بس بدك تطولي روحك وانتي بتحضري:)

WS يقول...

انا كتبت عن الفيلم شهور قبل ما ينزل فى السينما...و كنت ناوى اكتب عنه بعد ما شوفته...لإنه عجبنى جدا جدا...بس لقيت إنه حقق كل احلامى فى شكل الفيلم النهائى و بصراحه بعد ما اتفرجت على الخمس افلام اللى كانوا مترشحين لاوسكار احسن فيلم...فى رأيى "القارىء" كان لازم ياخد الاوسكار لإنه فيلم متماسك من كل الجوانب و عميق إلى اقصى درجه و كل ما اتفرج عليه لا اعرف تحديدا مشاعر هنا و مايكل الحقيقيه...تحفه فنيه.

http://egyptoz.blogspot.com/2008/09/reader_20.html

Mala2e6 يقول...

مياسي
انا حضرت الفيلم و متل ما قلتي كيت وينزلت بدعت فيه
بس لازم تحذير للالي بده يحضره انه يحضره لحاله مش مع العيلة لانه فيه مشاهد تشليح كتير
الفيلم اهم نقطة فية هية متى يجب ان نتكلم هوة الاخ سكت و هية عم تتشرشح بالمحكمة سكت لانها ما بدها حد يعرف انه ما بتقرأ يعني احترم رغبتها مع انها كلفتها 25 سنة سجن

و هية اثرت على حياته منشوف انه فشل كزوج..
انا حبيت الفيلم
و حبيت فيلم المليونير اللي من الحارة كمان

شكرا مياسي

Unknown يقول...

Walad Shab
أهلا فيك هون:)أنا بصراحه ما حضرتش كل أفلام الأوسكار عشان أحكم بس أنا معك أنو الفيلم رائع لأقصى درجة

وزي ما حكيت في البوست؛ الفيلم عملي أزمه؛ صعب تحدد هي كيف كانت مشاعرها وكيف هو كمان!!!

صدمه نفسيه فعلا؛ الأداء أكتر من رائع وأنا خكيت عن هيك في البوست

قرأت المقال عندك واستمتعت فيه جدا:)

Unknown يقول...

ملاقط

آخر جملة من الجزء التاني لشرح لفيلم أنا حكيت انو المشاهد كتيره وصادمه؛ بصراحه استحيت أحط تصنيف فوق 18 أو للكبار فقط بس فعلا المشاهد أوفر!!

حكيك صح جدا؛هو فعلا احترم رغبتها وكمان خاف؛ وحياته خربت من تحت راسها؛ انا ما حكيت هالشي صراحه بس لمحتلو عشان ما أحرق الفيلم عالاخر

ياختي مليونير الحاره مش متشجعه أحضره بالمره!!

بس القارئ؛ فيلم لا ينسى فعلا رائع وصادم

وين هالغيبه عنا؟!!!

Mohamed يقول...

I like this film