أيار

ها قد جاء أيار حاملا معه رائحة الصيف بحرارته اللاهبه

كلما هب النسيم الحار ليلفحني عبر نافذة غرفتي ... تذكرت أيار و عرفته....

من رائحتك أعرفك يا أيار ؛ أعرف رائحتك المحملة برائحة القمح و النجيل كأنما هما يتبخران...

أجل هكذا هو أيار بالنسبة لي ؛ حرارة في حرارة في حرارة.....

قمح أصفر و شمس ذهبيه تسطع على إستحياء تأهبا لأن تتحول إلى أتون ملتهب صيفا..

في كل أيار من كل عام ؛ أتذكر هذا الشهر من أيام مدرستي...

أتذكر كل أغنية سمعتها؛ و كل لحن أنشد في أيار....

أتذكر امتحاناتي و الحر الذي يغلف كل شيء في ذلك البلد الخليجي...

أتذكر شوارعا إسفلتية ذرعتها أنا و صويحباتي بعد إمتحان سواء أكان صعبا أم سهلا....

أتذكر أول مره رأيت فيها شبكة الإنترنت في حياتي؛ كان ذلك في أيار أيضا....

أتذكر جلسات على كرسي الحديقه؛ و رطوبة خانقة؛ و حديثا لساعات قد تطول أكثر....

حديثا يمتد و يمتد و يمتد و قد يمتد أكثر؛ لأن كل واحدة منا تعلم في قرارة نفسها أن هذه الجلسه قد لا تتكرر مرة أخرى ...

في جلسة مع إحدى صديقاتي من أيام الدراسه مؤخرا؛ صارحتها على استحياء بعقدة أيار؛ فأجأتني بأن شهور السنة كلها في ذلك البلد الخليجي تمثل لها عقده.. ... لقد كانت العقدة التي جمعتنا هي "الحنين" و أنا التي كانت تظن أنها وحدها من تشكو منها.....

أيار حاملا تباشير الصيف الخانقه؛ و أنفاسا لاهبه و ذكرياتا لن تعود لحزني....

أجل هي لن تعود و لكنها تتجدد؛ تتجدد بعودتك يا أيار كل سنه ... فأهلا بك يا صديقي...

أهلا بك حاملا معك كل ذكرياتي التي حتى وإن لم تكن كلها سعيده؛ و لكنها استحالت كما ينص قانون الذكريات إلى "ماض جميل لن يعود" ....

قانون الذكربات: كل ما ذهب جميل رغم كل مرارته؛ جمبل لأننا قد فقدناه إلى الأبد....

و على هذا كل ما مر من ماضينا جميل مهما كان حاضرنا أجمل...

شكرا أيار؛ لأنك تذكرني كل عام بما مضى؛ قد صار ما مضى عزيزا علي و إن كان ممزوجا بلوعة الذكريات...

مرة أخرى يا صديقي؛ ألف شكر لك....